مقالات
الخميس 23 ديسمبر 2021 10:58 صباحاً

عن الحق والباطل

جمال أنعم
 
يظل مفهوما  الحق والباطل مجردين و  من المفاهيم التى يكثر حولها الخلاف والتنازع والجدل  لكونها تبدو دائما ملتبسة غائمة  غامضة  يصعب تحديدها غالبا و الإتفاق عليها ومازال الناس مختلفين حولها  فما قد تراه حقا قد يراه اخرون باطلا  
 والبشرية قطعت مراحل طوال في سبيل تحويل هذه المفاهيم المجردة الى تشريعات وقوانين ولوائح وانظمة حاكمة وتولت ضبطها وتقعيدها ولم تتركها لتقديرات الناس  ولا للأمزجة والأهواء السائدة  
وهنا يتجلى السر في هذا التاكيد  " يحق الحق ويبطل الباطل " 
اذ لا يكفي لان تقول هذا حق فلابد من أن يكون هناك احقاق  للحق وابطال للباطل أي الإحالة هنا على الآليات والوسائل والأدوات والقوانين  والتشريعات والأنظمة التى من شأنها أن تجعل الحق موضع احترام والتزام وتجعل الباطل موضع ابطال و انكار وازهاق ويرد يزهق وزهوقا مرادفا للباطل كتأكيد على اهمية ابقاء الباطل في حالة موات واحياء الحق في مقابله    
وفي الدعاء المأثور  اللهم ارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا  الباطل باطلا  وارزقنا اجتنابه 
وهذا الدعاء يحيل على مايمكن أن يكون عليه الحق والباطل من انبهام والتباس يبعثان على ربما على التشوش والارتباك   
والمجتمعات في مراحل الانحطاط والإنهيار والسقوط  عادة  ماتصاب حساسيتها الأخلاقية والقيمية بالعطب وتضطرب موازينها ومقاييسها ومعاييرها الخاصة والعامة تبعا لفقدان الحرية والكرامة  وفساد  الضمير وتسمم العقل وموت الإنسان 
وفي القران الكريم  نجد الإشتغال على هذه الحساسية المعطوبة التى تفضي الى اختلال  في الرؤية وخطل في  الحكم  على الأمور   في سُوَر وآيات كثر ومن ذلك ماجاء في سورة "القلم " ومنها قوله  تعالى " أفنجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون " 
هناك ارتباط واضح  بين الحساسية القيمية للإفراد والمجتمعات  والوضع العام وطبيعة النظام 
تفرض النظم الإستبدادية منظومة قيم وسلوكيات خاصة وعامة تعمل لصالح تثبيت الحكم وضمان ابقاء الجميع في حالة رضوخ وإذعان شاملين  
وفي سعي الحوثية لتكريس هيمنتها بالسلاح وبالعنف والقسر واشكال الدعاية تشتغل على ضرب الموازين والحساسيات وايصال الناس الى حالة من الياس والسخط وفقدان اليقين   تضمر  معها الروح وتتراجع الرؤية وتتعطل قدرات الإنسان على التمييز والفرز والإختيار وتتشوش تصوراته ومفاهيمه  وترتبك احكامه ولا يصمد في مثل هذه الظروف سوى اولئك الأحرار الذين بلغوا مستويات عالية من  الوعي واليقين والإيمان والصلابة والتسامي فوق  كل ظروف القهر وصور الضعف 
اولئك العصيون على  العطب والإغواء والإغراء والتدليس والتلبيس والتزييف والتضليل والعطب   . لايزلون في الخطوات ولا الخطرات ولا يضلون في الأفهام ولا الأحكام
جميع الحقوق محفوظة لـ [عدن بوست] ©2024
تطوير واستضافة
YOU for information technology