مقالات
الاثنين 20 يوليو 2020 02:21 مساءً

القيادة ، والحلقة المفرغة

د. ياسين سعيد نعمان

 

أشد ما تحتاج إليه أي قيادة في لحظة الارتباك هي أن تتذكر أنها قيادة .. لا يجب عليها أن تنزلق إلى مرتبة أدنى من القيادة . معيار نجاحها هو وقف التشرذم الذي يصيب القوة الحاملة لمشروعها التي تقوده .

والقيادة هي حاصل جمع صناع القرار .

في اللحظات التي يبدأ التفكك يصيب هذه القوة ، لأي سبب كان ، لا بد للقيادة أن تقف فوق ربوة تطل منها على المشهد وتجعل منها مركز القيادة ، وأن لا تتوه في شغب الخلافات التي تسود الاجنحة المتربصة ببعضها ، وأن تتمتع بصوت يميزها عن ضجيج الصراع وتخبط وخيبات الباحثين عن بطولات في غير الامكنة التي تصنع فيها البطولات ، وأن تحتفظ بأدوات قيادة تضعها في الموقف الذي تستطيع معه أن تعيد تركيب القطع المفككة بدون خسائر كبيرة.

في كثير من التجارب ، غالباً ما كانت القيادة تجر الى صراعات أجنحة الحكم بأساليب مختلفة ، منها إقناعها بأنها مستهدفة،فتصبح طرفاً في الصراع ، فيتعذر عليها أن تقود . 

وكانت النتيجة دائماً أنه عندما تنزلق القيادة الى مزالق صراع الأجنحة فإن الازمة تدخل فما يسمى الحلقة المفرغة ، أو ما يسميها الفيلسوف الهندي الشهير " ميردال" بالحلقة الشريرة vicious circle التي يتخبط الجميع داخلها ، ويواصلون الضجيج والتشرذم .

لايمكن حل الأزمات من داخل الحلقة المفرغة ، وتصبح أي محاولة كمن يعيد الطباخة بنفس الزيت الذي استنفد قيمته الغذائية وتحول الى مادة سامة .

لقد كان الحل دائماً هو كسر الحلقة المفرغة ، عند نقطة معينة بذاتها ، للبحث عن الحل خارج الحلقة وفي فضاء أوسع ، ومناخ أنظف ، وبعيدأ عن التآمر والسقوط . 

لكن ذلك لم يكن ممكنأ إلا بقيادة تعتلي المشهد وبأدوات تجعلها قادرة على تحديد النقطة التي يجب أن تكسر فيها الحلقة الشريرة والخروج الى الفضاء الأوسع .

لنتعلم من تجاربنا الكارثية التي ظلينا نبحث فيها عن ضحايا لا عن قيادات ، وكانت النتيجة ما نحن فيه .

جميع الحقوق محفوظة لـ [عدن بوست] ©2024
تطوير واستضافة
YOU for information technology