انطباعات مسافر " الحلقة الثانية " مصر التي في ذاكرتي ووجداني :المنوفية.. محافظة الرؤساء وموطن الذهب الأبيض ...
في هذه الحلقة اتحدث عن زيارتي لمحافظة الرؤساء " المنوفية " ، ومركزها مدينة " شبين الكوم " الكائنة وسط بين فرعي النيل " رشيد ودمياط " ، فحين اخبرني الدكتور احمد قاسم ، ممثل اليمن في منظمة الشعوب والبرلمانات العربية ، عن تنظيم رحلة إلى المنوفية ، غايتها افتتاح فرعًا للمنظمة في " شبين الكوم " مركز المحافظة ، فلم اتردد لحظة في قبول الدعوة ، رغم يقيني بأن الشعب العربي واحدًا وأن مزقته الأنظمة السياسية المستبدة والفاسدة - وقبلها بالطبع الاستعمار - إلى كيانات وجغرافيات متناثرة .
المنظمة رئيسها المستشار عبد العزيز عبدالله حمَّاد ، وهو رجل نبيل ومهذب وحيوي ، إلى جانب آخرين ومن كلا الجنسين والذين يمثلون دولهم كالعراق وليبيا وسوريا وفلسطين وتونس ولبنان ، ناهيك عن ممثلين لمؤسسات ووزارات ومحافظات مصرية باعتبارها المركز الرئيس .
المهم انطلقت رحلتنا عند العاشرة ودقائق صباحًا ، وكانت قافلتنا لا تزيد عن حافلتين ، سعة خمسة عشر راكبًا ، وعلى ضآلتها ، فإنَّها حاملة للواء ما يزيد عن 400 مليونًا عربيًا يعيشون في 22 دولة ؛ كحبَّات عُقد سُبحة تناثرت فوق أديم مساحته تقدر ب ١٤ مليونًا كيلو متر مربع ، تمتد من مشارف جبل طارق والمحيط الأطلسي غربًا ، وحتى جزيرة سقطرى جنوبًا في المحيط الهندي ..
الرحلة كانت قصيرة نظرًا لفسحة الطريق وكذا انسيابيته ، فخلال ساعتي زمن أو يزيد قليلًا ، قدر لنا الوصول إلى " شبين الكوم " ، مارين ب " شبرا " المدينة الصناعية ومركز محافظة القليوبية ، المحافظة الثالثة المكونة للقاهرة الكبرى ، إلى جانب محافظتي " الجيزة" و " القاهرة " ، وأثناء سلوكنا الطريق الاسفلتي الواصل بين القاهرة والمنوفية شاهدت مساحات زراعية شاسعة على جنبي المسار الأسود الواصل بين القاهرة ومحافظات مصرية عدة واقعة في الجزء البحري .
فالمنوفية تعد همزة وصل ،إذ يمر بها أهم طريقين حيويين في مصر ؛ الأول يُطلق عليه ب " طريق القاهرة – الاسكندرية الزراعي " ويمر في الحدود الجنوبية الغربية لمدينة السادات غرب المحافظة ، فيما الاخر ب " طريق القاهرة الاسكندرية الصحراوي " وهذا الطريق يخترق اراضي المنوفية في مركزي قويسنا وبركة السبع شمال شرق المحافظة .
والطريقان الرئيسيان يربطان المنوفية بثلاثة أقاليم ، وهي إقليم القاهرة الكبرى بالجنوب ، وبقية إقليم دلتا النيل جهة الشمال ، وإقليم الإسكندرية ناحية الشمال الغربي .
وكان رفيقي احمد قد أشار لي للافتة مرحبة بزوارها ، تأمّلت فيها ودهشت حين علمت أن عصير " المانجا " اللذيذ الذي كنا نشربه صغارًا " قها " منبته الأصل هذه المنطقة " قها " الشهيرة بزراعة هذه الفاكهة المحببة للكثير . وبينما الحافلة راحت تسابق الزمن مبتلعة الخط الاسفلتي ؛ أخذت اتأمّل في تلك الارض الخصبة الكائنة بين ضفتي الدلتا ، وهي مكتسية بحُلَّة خضراء من الشجر والنبات ، مضفية البهجة والحياة للمكان والناس والسالكين للطريق الرئيس .
فبرغم ان زيارتنا تزامنت مع موسم حصاد القمح ، إلَّا ان صفرة المحصول المغشية لمساحة شاسعة اعادتني لتذكر ايام صريم الذرة الرفيعة والشعير في قريتي . كما وذكرني رؤية المزارعين من كلا الجنسين في حقولهم بماض طفولي عشته واترابي في الريف اليمني ، قبيل ان يشهد موجات من الارتداد المتدفقة إليه من اعماق فقه الصحراء المتزمت ، وأيضًا ، من شح قطر السماء وهجرة السكان ناحية المدن .
وصلنا مركز محافظة المنوفية " شبين الكوم " ظهرًا ، ومنها توجهنا ناحية أحد الأحياء الريفية الملتصقة بالمدينة ، فيما مياه النيل تبدو مستقرة وآسنة في أخاديد متفرعة تروي ثرى السهول الخصبة . وهذا المكان الذي قصدناه لم أجده غريبًا علي ، فكل ما فيه من تفاصيل قدر لي رؤيته ومن خلال دراما سينمائية وتليفزيونية وقعت أحداثها هنا في الريف المصري ، خُيل لي انني في ذات البقعة التي شهدت قصة فيلم " الأرض " للمخرج يوسف شاهين ،وكتبها عبد الرحمن الشرقاوي ، إذ ما زال وجه الفنان عزت العلايلي مغروسًا في ذاكرتي البعيدة ، كما ودم الفنان محمود المليجي أراه سائحًا في ثرى الارض الطيبة .
كانت رحلتنا توقفت للحظات بسبب تعثر حمار يُجر عربة ، ما تسبب بإغلاق الدرب الضيق المفضي إلى مقصدنا في الحي الكائن في حواف ارض مزروعة ؛ كأني ازاء مشهد درامي كوميدي صاحبه الفنان احمد نبيل في دور " غندور " وهو يزاحم بحماره سيارة علي الكتف " صلاح قابيل " ، احسن سائق في المركز ، في مسلسل " ليالي الحصاد " .
ولم تمض غير دقائق الا وكنَّا جميعًا ندلف باحة مسكن العمدة " محمد الخولي " الذي رحب بنا بحفاوة وشهامة الرجل الريفي النبيل . ولا أخفيكم بدهشتي من تواضعه الجم ومن ثقافته واناقته ، ودهشتي هذه ربما سببها ما رسب وتوطن في ذهني من صورة سلبية جسدته الدراما المصرية عن العمدة والعمودية في الصعيد المصري تحديدًا ، وقد تكون الدراما سببًا في هذا التحول الايجابي الحاصل في الريف المصري ، وأيًا يكن الأمر فما من شيء يبقى على هيئته ، ففي المحصلة التغيير سنة كونية ، ولا اظن العمدة محمد غير حتمية فرضها منطق التاريخ وتطوره .
في مسكن العمدة الخولي أنخنا عن كاهلنا وعثاء السفر ، وادينا صلاتي الظهر والعصر جمعًا وقصرًا ، وشرعنا بتناول وجبة الغداء ، المكونة من خبز أبيض يماثل خبز الموفأ لدينا ، إلى جانب اقراص الرغيف ، والخبز والرغيف يتم غمرهما بعسل ابيض لذيذ لم اعثر عليه في بلاد العسل " اوكراينا " الجمهورية المنسلخة من كيان الاتحاد السوفيتي ، وعُرِفت قديمًا بموطن العسل أو السكر .
وكانت وجهتنا التالية مدينة المنوفية التي اقفلنا عائدين إليها ثانية ، وتحديدًا ، مدينة أو مركز الشهداء ، حيث وقع الاختيار لمقر المنظمة العربية . توقفنا في بوابة العمارة ، وصعدنا إلى طوابقها العلوية ، ناحية مقر المنظمة ، الذي هو عبارة عن شقة تم تجهيزها على عجلة لتكون بغرفها ومحتواها مقرًا دائمًا لفرع المنظمة ، وفي قاعتها المتواضعة أخذ كُلُّ منَّا موقعه استعدادًا لحفل الافتتاح البسيط الذي اقتصر على تبادل الكلمات الدالة عن المناسبة .
امَّا سبب تسمية شمال مدينة شبين الكوم بمركز " الشهداء " فلقد قيل لنا بان مرده معركة الشهداء الواقعة قديمًا في هذه البقعة ، فوفق روايات تاريخية جرت معركة هنا استشهد فيها أمير الجيش الاسلامي ، ابن عم النبي محمد ، صلى الله عليه وسلم ، واسمه محمد بن الفضل بن العباس ، اثر معركة خاضها لطرد البيزنطيين للمرة الثانية ، عقب الفتنة التي عاشتها مصر بعيد مقتل الخليفة عثمان بن عفان .
فلقد استغل البيزنطيين تلك الاحداث ، وحاولوا اعادة السيطرة على مصر واخضاعها لسلطانهم كولاية بيزنطية ، ما كان من الامير وجيشه وبمساندة اهالي المنطقة إلَّا مواجهة الغزاة الروم وصدهم ، ونتج عن هذه المعركة استشهاد عدد كبير من الصحابة والاهالي ، وعليه سميت المدينة في فترة تالية بمدينة الشهداء .
محمد قشقوش بطل العالم في كمال الاجسام ، وحاليًا هو المدرب العام للمنتخبات القومية لكمال الأجسام ، فوجئت به مرحبًا بنا ، ولكم سررت بتكريم المنظمة لهذا الشخصية الرياضية العالمية ، من خلال رئيسها المستشار عبد العزيز حمَّاد الذي كان هو الآخر نجمًا يشعُ في سماء عربية موحشة ومظلمة ، بسبب عقود من الجفاء والتنازع والخيبة والانكسارات المتتالية .
وفور الانتهاء من مراسيم الافتتاح ، اخذنا صورًا جماعية تذكارية في الشارع ، وامام بوابة المبنى الواقع بها مقر المنظمة ؛ سررت بلقاء الرباع العالمي قشقوش ، طلبت من الدكتور احمد لأن يلتقط صورة لي معه ، فلكم اخجلني تواضعه ودماثة اخلاقه ، كما وأثرت فيَّ كلماته الناضخة صدقًا وعفوية وعروبية ، ودَّعته بصفاح وعناق حار وكأني بساعات ثلاث وقد اذابت سُنون من المسافات والحدود المصطنعة والعزلة .
4 رؤساء دولة و4 رؤساء حكومة من المنوفية
كنتُ اعتقد أن محافظة او منطقة الرؤساء هي بدعة يمنية خالصة ، لكن هذا الاعتقاد زال وبمجرد أن سمعتُ ولأول مرة بانتماء الرؤساء السادات ومبارك وعدلي منصور وعبد الفتاح السيسي لمحافظة المنوفية ، وهي من محافظات ما يسمى بالبحري ، بينما الزعيم جمال عبد الناصر ينتمي لمحافظة أسيوط ، إذ ان مسقط رأسه قرية " بني مُر " واسيوط من محافظات ما تعرف بالصعيد " القبلي " .
فخلال الرحلة علمت أن الرئيس الراحل محمد أنور السادات ولد في " ميت ابو الكوم " ، والرئيس الأسبق محمد حسني مبارك ولد في كفر مصيلحة ، والرئيس عدلي منصور ، رئيس المحكمة الدستورية ، ولد في " قرية سروهيت " بمركز منوف ، وتولى الرئاسة المؤقتة عقب الإطاحة بأول رئيس مدني منتخب ديمقراطيًا ، الراحل الدكتور محمد مرسي ، إذ صدر قرار تعيينه رئيساً مؤقتًا في 3 يوليو 2013م .
بينما الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي المولود في حي الجمالية بالقاهرة ، وتعود جذوره الى المنوفية ، إذ كان والده تاجر الحبوب الحاج سعيد حسين السيسي من اهالي قرية " طليا " مركز أشمون ، وانتقل اسوة بمئات الالاف المهاجرين المنوفيين الذين استوطنوا اغلب بقاع ارض الكنانة .
وتعد محافظة المنوفية من المحافظات الطاردة لسكانها ، فهي أكبر محافظات الوجه البحري طردًا للسكان ، والثانية في مصر بعد محافظة سوهاج حسب إحصاء عام 1996.
كما وقدمت المنوفية 4 نوابًا لرئيس الجمهورية بداية من حسين الشافعي المولود بقرية شبرا مركز قويسنا ، ومن ثم السياسي والدبلوماسي المعروف للمصريين ب" ابو الدبلوماسية " الدكتور محمود فوزي ، وزير الخارجية المصرية خلال الفترة من 1952م إلى 1962م ،وتولى مهام رئيس الوزراء لفترتين عقب وفاة الزعيم عبد الناصر وللفترة من اكتوبر 1970م حتى يناير 1972م ومن ثم عُيِّن نائبًا للرئيس السادات حتى عام 1974م . ناهيك عن الرئيس الراحل السادات الذي شغل المنصب مرتين إبَّان رئاسة الزعيم جمال عبد الناصر . وكان مبارك عُيِّن نائبًا للسادات قبل اغتيال الاخير في عملية ارهابية يوم 6 اكتوبر 1981م .
امَّا رؤساء الوزراء ال 4 فهم : دكتور محمود فوزي ، الدكتور كمال الجنزوري ، الدكتور عصام شرف ، رئيس الوزراء بعد ثورة 25 يناير ، والدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء في عهد الرئيس الراحل الدكتور محمد مرسي .
" أن تكون منوفيًا فذاك طريق الشهرة "
وهذه قولة شهيرة يفاخر بها أبناء المنوفية ، بينهم المستشار الجميل عبد العزيز حمَّاد ، رئيس المنظمة الذي اشاد بمناقب من تولوا زمام السلطة من أهل بلدته المنوفية ، ولا ينتقص اختلافنا معه بشيء ، فما قاله في كلمته المرتجلة يمكن اعتباره في حدود القناعات الشخصية ، وأيًا كان هذا الاختلاف فينبغي احترام صاحبه ، طالما ونحن نؤمن بحق الاخر في ان يعبر عن ذاته وبالطرق والوسائل السلمية الحضارية .
المنوفية : بالفرعونية " بيت الذهب " وبالقبطية " الارض الطيبة "
أما اسم المنوفية فتعددت الروايات حوله ، فقيل بأنه يرجع لأسم " منوف " القديمة وهى مدينة فرعونية قديمة أسمها " بير نوب " أي بيت الذهب حيث كان يوجد بها مناجم للذهب ثم أصبح اسمها القبطى " بانوفيس " وبعد الفتح الإسلامى لمصر قلبت الباء ميمًا فى اللغة العربية فأصبحت " مانوفيس "وعلى مدار الأجيال المتعاقبة أصبحت تنطق بالعامية " منوف " اختصار لأسم " مانوفيس " .
وقيل – أيضًا – بان المنوفية جاء اسمها نسبة إلى مدينة منوف التي اشتق اسمها القديم "من نفر" بالهيروغليفية ، و"أونوفيس" بالرومية ، و"مانوفيس" باللغة القبطية، وهي تعني "الأرض الطيبة" .
وظلّت " منوف " عاصمة لإقليم المنوفية منذ الفتح الإسلامى وإلى العام ١٨٢٦م ، حين نقل محمد على عاصمة المديرية من " منوف " إلى مدينة " شبين الكوم " نظرًا لموقعها الوسط .
منوفيون تعدت شهرتهم مصر
ومن اشهر الاسماء المنتمية لهذه المحافظة ، الدكتور مصطفى محمود ، مفكر وطبيب واديب ، وله عشرات المؤلفات القيمة ، ابرزها " زيارة للجنة والنار " و " حوار مع ملحد " و " على حافة الانتحار " فضلًا عن برنامجه التليفزيوني الشهير " العلم والإيمان " كما ويوجد في القاهرة مستشفى خيري في الجيزة وجامع للصلاة في حي المهندسين .
وانجبت المنوفية اسماء لها وزنها وشهرتها التي تتعدى المحروسة ، مثل امين هويدي رئيس جهاز المخابرات العامة بعيد هزيمة 5 يونيو 1967م ، وعمل مستشاراً للرئيس للشؤون السياسية، ثم سفيرًا لمصر في المغرب والعراق ، وتولى منصب وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، ثم وزارة الحربية .
والمنوفية موطن السياسي والحقوقي المعروف مصطفى كامل رئيس حزب الاحرار ، ومما سطَّره التاريخ لمصطفى كامل هو وقوفه بوجه بريطانيا وفضح جرائمها امام دول العالم اثر حادثة " دنشواي " الشهيرة ،وتكلَّلت جهوده بالإفراج عن اهالي دنشواي المسجونين عام 1908م ، واتخذت المنوفية من تاريخ 13 يونيو من ذات العام ذكرى قومية تحتفي به المحافظة سنويًا ، تخليدًا لأولئك الابطال الشجعان .
ونذكر احمد عبد المعطي حجازي ، شاعر وناقد ويعد من رواد التجديد في الشعر العربي المعاصر ومن اهم دواوينه " مدينة بلا قلب " و " كائنات مملكة الليل " إمَّا ابرز كتبه فهي " عروبة مصر " و " أحفاد شوقي " وترجمت مختارات من قصائده إلى الفرنسية والإنجليزية والروسية والإسبانية والإيطالية والألمانية .
أمَّا الشاعر الكبير عبد القادر المازني فتعود أصوله إلى قرية كوم مازن الشهداء بالمحافظة، فضلًا عن الكاتب أمين الخولي زوج بنت الشاطيء عواطف عبد الرحمن . أمَّا المعلومة التي كنت اجهلها تمامًا ، فهي أن زوجة الرسول عليه الصلاة والسلام وأم ولده إبراهيم " مارية القبطية " من المنوفية .
ولا يفوتني التذكير بأسماء شهيرة مثل الزعيم عبد العال حلمي، رفيق الزعيم احمد عرابي قائد الثورة العُرابية ، وكذا عبد العزيز باشا فهمي اول وزير عدل مصري ومعروف للمصريين ب " أبو الدستور المصري " وواضعه عام ١٩٢٠م .السيد سابق ، من علماء الأزهر ولا أظن ان هناك دارس للحقوق يجهل اسمه . اللواء شمس بدران عمل مديرًا لمكتب المشير عبد الحكيم عامر ، ثم وزيرًا للحربية ، واختاره عبد الناصر لخلافته في رئاسة الجمهورية حينما قرر التنحي عقب هزيمة يونيو 1967م .
ومن أشهر الصحافيين والممثلين والمطربين والمقرئين الذين انجبتهم المنوفية نقيب الصحافيين الأسبق ورئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ، الصحافي مكرم محمد احمد ، الذي سبق له أن تغطية أخبار ثورة ١٤ اكتوبر 1963-1967م ووفق تأكيد حصلت عليه من المناضل عبدالله ناجي حسين الحود ، فان الصحافي مكرم ، كان مراسلًا حربيًا وقدر له مرافقة الثوار في جبهة الضالع ، أثناء معارك ليلية خاضها الحود ورفاقه آنذاك ، الشيخ المقرئ محمد الطبلاوي والذي رحل عن ديانا قبل مدة وجيزة من كتابة حلقتنا هذه ، والشيخ المقرئ محمود البناء .
ولا أغفل في هذا المقام ذكر اسماء اعلام كبار مثل إبراهيم عيسى ، حمدي قنديل، سمير رجب ، والكاتب الساخر محمود السعدني ، وأمين بسيوني رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون الأسبق . أما قائمة الممثلين فهناك الفنان الكبير توفيق الدقن ، والفنان الكوميدي الرائع سعيد صالح ، وماجدة الخطيب ، وممدوح عبد العليم، وكذا فاروق الفيشاوي، وحاتم ذو الفقار، ومحي إسماعيل ، ومحمود المليجي ، وصلاح السعدني، وصفاء أبو السعود ، ناهيك عن المذيع المصري الشهير صبري سلامة الذي نحت اسمه في ذاكرة المصريين والعرب عمومًا ،بكونه أول من بشَّر بعبور القوات المصرية لقناة السويس في حرب ٦ اكتوبر ١٩٧٣م .
وهنالك من الاسماء التي تولت مناصب مهمة وحساسة في عهد الرئيس الراحل مبارك ، نذكر منها حبيب العادلي ، وزير الداخلية المصرية منذ تعيينه عام 1997م وإلى ان تم إقالته في هزيع يناير 2011م أثر احداث ثورة 25يناير واتهامه من شباب الثورة بقمع المتظاهرين بالقوة وتسببه بسقوط ضحايا . احمد عز ، اشهر رجال الأعمال ،وامين التنظيم في الحزب الوطني المنحل .
قصة العيد والحمام في علم المنوفية
ويشار الى ان الاجيال اللاحقة في المنوفية كرَّمت اولئك الابطال ، فشعار النبالة الموجود في علم محافظة المنوفية يُظهر برج حمام تلتهمه النيران اللذان يرمزان إلى شهرة قرية " دنشواي " بالحمام إلى جانب احتراقه أثناء الحادثة الشهيرة التي وقعت بالقرية من قبل ضباط الاحتلال البريطاني ، أما السنبلتين فيرمزان إلى الزراعة بجانب الخلفية الخضراء للعلم ، أما الترس فيرمز إلى الصناعة .
وقصة هذا العيد تعود لأيام الاحتلال البريطاني لمصر، فحادثة " دنشواي " نسبة لقرية " دنشواي " التي عاشت فصلًا مأساويًا عام 1906م ، فوقتها قام الضباط الانكليز برحلة صيد للحمام الى القرية ، وعند اطلاقهم الرصاص اصابوا امرأه كانت في سطح البيت ، كما واشعلوا النار في جرن حمام ، فغضب الاهالي وثاروا على الضباط الذين لاذوا فرارًا خوفًا من انتقام اهل القرية ، وبينما هم هاربون اصيب احدهم بضربة شمس ؛ فمات .
فكان أن اصدرت سلطة الاحتلال حكمًا بالإعدام شنقًا على اربعة ، وبالسجن والجلد لعشرين مواطنًا ، وهذا الحكم تم بناء على محاكمة صورية تعسفية لا تتوافر بها ايًا من شروط التقاضي العادل ، ما أدى بمصطفى كامل الى تبنيها دوليًا ، واثمرت جهوده بالإفراج عن المسجونين وعودتهم لذويهم واهلهم .
وشهدت المنوفية أثناء الحملة الفرنسية على مصر عدة معارك دارت بين الفرنسيِّين والأهالي، وساعدت على تعطيل زحف الجيش الفرنسي بتهديد طريق مواصلاتها إلى القاهرة ، ومن أهمها معركة غمرين في أغسطس 1798م . مما اضطر " نابليون بونابارت " إلى عمل أسطول مسلَّح بالمدافع على النيل للحراسة ، وإقامة عدة حصون . ورغم ذلك ؛ هاجم الأهالي الجنرال " دومارتان " قائد المدفعية، فقتلوه هو وأربعة عشر من جنوده عام 1799م .
موطن القطن والقمح والخضرة والفاكهة
وتعتبر الزراعة النشاط الاقتصادي الرئيسي لسكان المحافظة ، وتمتاز أراضيها بخصوبة التربة ووفرة مياه الري بشكلٍ دائم من نهر النيل ، فضلا عن أراضي صحراء مركز السادات . وتشتهر بزراعة الذرة الشامية والقطن كمحاصيل صيفية والقمح والبرسيم كمزروعات شتوية إلى جانب زراعة الخضروات ومساحات كبيرة من الفاكهة .
وتتمتع المحافظة بوفرة جميع أنواع المحاصيل من خضر وفاكهة ، وتعتبر قرية "شنوان" من أشهر القرى في زراعة المحاصيل النقدية ، إذ تنتج القرية نصف ناتج المحافظة من محصول القلقاس.
وتوجد بالمحافظة كافة أنواع المحاصيل النقدية والخضر والفاكهة. كذلك يساهم النشاط الصناعي بقوة بجانب النشاط الزراعي ، خصوصًا مدينة السادات التي تعد من أكبر المدن الصناعية في مصر، ناهيك عن مناطق صناعية أخرى بمدينة " قويسنا " بجانب صناعات خفيفة بمدينة شبين الكوم.
وفي مجال الصناعة، تمتاز المحافظة بصناعات الغزل إذ يوجد بها ما يزيد عن 15 مصنع غزل، اشهرها شركة غزل شبين الكوم ، وغزل قويسنا ، وغزل السادات، كما واشتهرت خلال العقود الماضية بتفردها في صناعة السجاد الحريري بقرية ساقية أبو شعرة ، علاوة عن المشغولات الصدفية بقرية ساقية المنقدي .
وتعتبر الصناعات الغذائية أكبر القطاعات بالمنشآت الصناعية من حيث تعداد المنشآت المسجلة رسميًا ، إذ تبلغ نسبتها 26.1% ، تليها الصناعات الهندسية ومواد البناء والحراريات والصناعات الكيماوية والبتروكيماوية بواقع 18.7% و15.4% و14.7% لكل منم على التوالي . اما على صعيد العمالة ، فتظهر صناعات الغزل والنسيج كأكبر القطاعات استيعاباً للعمالة ، إذ تستوعب 83.6% من جملة العمالة الصناعية بالمحافظة ، وتعمل في 9.5% من جملة المنشآت الصناعية .
9 مراكز تضم 10 مدن
وتتألف المنوفية بشكلٍ عام من 9 مراكز إدارية تضم 10 مدن هي: شبين الكوم ، ومنوف ، ومدينة السادات ، وسرس الليان ، وأشمون ، والباجور ، وقويسنا ، وبركة السبع ، وتلا ، والشهداء. وأكبر مدنها مدينة السادات المستقطعة من محافظة البحيرة عام 1991م . وينحصر حوالي نصف مساحة المحافظة بين فرعي نهر النيل دمياط ورشيد ، بينما النصف الآخر يمتد كظهير صحراوي غرب فرع رشيد ليضم مركز السادات أكبر مراكز المحافظة .
وبلغ عدد سكان محافظة المنوفية حوالي 3,941,293 نسمة حسب التعداد التقديري لعام 2015. يمثلون حوالي 4.65% من جملة سكان الجمهورية، ويسكنون في مساحة تبلغ 4.6% من جملة مساحة مصر، وتصل الكثافة العامة بها إلى 1,549.8 نسمة/كم²، بينما هي في عموم مصر 59 نسمة/كم²، وفي الوجه البحري تصل إلى 931 نسمة/كم²؛ وذلك بحسب إحصاءات عام 1996.
ويوجد بمحافظة المنوفية متحفان فقط ، أولهما متحف " دنشواي " القومي بقرية دنشواي التابعة لمركز الشهداء، وقد تم بناؤه تخليدًا تكريمًا لشهداء حادثة دنشواي التي وقعت أحداثها عام 1906، ويسجل تلك الأحداث بعرضه لتماثيل منسوبة للشهداء ، بجانب لوحات وصور فوتوغرافية تعرض أحداث الواقعة.
الآخر متحف " ميت أبو الكوم " ، ويقع في قرية ميت أبو الكوم مسقط رأس الرئيس الراحل محمد أنور السادات ، والذي يضم مقتنيات السادات الخاصة، والمتحف يمثل جزءًا من منزله الذي بناه السادات عام 1962، وبه المضيفة التي كان يستقبل بها الكثير من زعماء العالم ورجال الدولة وأهل القرية.
محمد علي محسن
- الارقام وصورة المدينة مصدرهم ديوان محافظة المنوفية