اقتصاد

القطاع المصرفي باليمن مهدد بالإغلاق

الجمعة 15 مارس 2019 06:44 مساءً عدن بوست - الجزيرة نت:

تحذيرات من انهيار الوضع الاقتصادي والإنساني الهش باليمن، في ظل تدخل طرفي النزاع في السياسة المصرفية، واستمرار الانقسام بالبنك المركزي.
ومنذ أن وجه الرئيس عبد ربه منصور هادي بنقل المركزي إلى مدينة عدن (العاصمة المؤقتة) جنوبي البلاد في سبتمبر/أيلول 2016، أصبح للبلد ذي الاقتصاد المتداعي بنكان مركزيان يتنازعان التحكم في السياسة المصرفية.

وسرعان ما حظي البنك الجديد في عدن بالاعتراف من قِبل المؤسسات المصرفية والبنوك الدولية، إلا أن "مركزي" صنعاء الخاضع لسيطرة سلطات الحوثيين ما يزال يسيطر على المصارف، ويحوز الخبرة المؤسسية والبيانات المالية.

وانعكس ذلك التباين بين البنكين في أزمات لا تنتهي للقطاع المصرفي، ووجد الصرافون أنفسهم عالقين في الوسط مع تصعيد الحوثيين إحكام قبضتهم على السياسة المالية، وسط مخاوف من انهيار القطاع ووقف عملية استيراد الغذاء.

تفاقم الأزمة
وبدأت الأزمة الشهر الماضي، باعتقال الحوثيين -من خلال جهاز الأمن القومي-مسؤولين كبارا من عدة بنوك وشركات صرافة بسبب امتثالهم للسياسات التي وضعها "مركزي" عدن واللجنة الاقتصادية التابعة للحكومة اليمنية.

وقال عصام علي (مصرفي في صنعاء) للجزيرة نت إن الحوثيين اعتقلوا عددا من الصرافين و "أصبح العمل في قطاع الصرافة تهمة، ففي أي لحظة قد تكون معتقلا وعليك دفع أموال كبيرة".

وأشار إلى أن إحدى الشركات حولت مبلغا إلى محافظة حضرموت الخاضعة لسيطرة الحكومة، لكن الحوثيين اتخذوا ضدها عقوبات، وكانت تلك الأموال موجهة إلى تجار لاستخدامها في استيراد السلع الأساسية والغذاء.

وخلال الآونة الأخيرة -يقول المصرفي اليمني- فرض مركزي صنعاء زيادة كبيرة في رسوم تجديد التراخيص والتأمين والضرائب، وصلت إلى 300% على شركات الصرافة، و500% على منشآت الصرافة الفردية.

ويقول علي إن تلك الزيادة "قصمت ظهر الصرافين" بل إن بنك عدن هو الآخر فرض رسوما بزيادة كبيرة، مضيفا "على كل صراف أن يسدد للبنكين".

من جهته، يقول المصرفي سلمان الناشري إن الوضع لا يخرج عن كونه عملية نهب باستخدام القوة من قِبل سلطتي صنعاء وعدن "أيعقل أن ندفع 13 مليون ريال (22 ألف دولار أميركي) مقابل تأمين لشركة صرافة صغيرة؟".

ويضيف للجزيرة نت "نحن أمام خيارين إما أن نغلق مصدر أرزاقنا أو نعلن الإفلاس".

وقف العمل
ودفع ذلك التصعيد إلى احتجاجات منددة، وهددت جمعية الصرافين باتخاذ إجراءات تصعيدية مرتقبة من بينها الإضراب الشامل، وتوقيف الحوالات الداخلية والخارجية، وإغلاق جميع شبكات التحويل إلى الخارج.

وقال مصدر بالجمعية للجزيرة نت إن الوضع الجديد سيتسبب في انهيار للقطاع المصرفي الذي ظل محافظا على الحد الأدنى من بقاء الحياة الاقتصادية منذ اندلاع الحرب مطلع 2015.

وأشار إلى أن تلك "الإجراءات المجحفة" بحق الصرافين فاقمت من السوق السوداء، وأغلقت بعض شركات الصرافة جزئيا وأجبرتها على العمل بالمضاربة بالعملة في السوق السوداء، لينعكس ذلك في تراجع قيمة العملة المحلية.

لكن الأهم من ذلك أن توقف العمل في القطاع المصرفي سيوقف عملية استيراد السلع، في ظل توقف البنوك المحلية عن وظيفتها، حيث كانت شركات الصرافة هي من يقوم بتحويل الأموال للتجار، وتمويل الوضع الإنساني.

وقال المصدر نفسه "الإضراب الشامل سيتسبب في شل العملية الاقتصادية والحركة التجارية، وسيفاقم ذلك من انهيار الوضع الإنساني والمعيشي في البلاد الذي يستورد قرابة 90% مما يستهلكه".

وكانت جمعية الصرافين قد طالبت بتحييد الاقتصاد، والعمل بشكل موحد بعيدا عن النزاع، والعودة إلى إجراءات تسهّل وتوحّد العمل المصرفي.

انهيار الوضع
ويعد القطاع المصرفي الشريان الأخير لما تبقى من حياة في الاقتصاد اليمني، وعبره يتم تمويل الأنشطة الاقتصادية والإنسانية، وكان للمؤسسات المصرفية دور كبير في تأمين فاتورة استيراد المواد الغذائية لتفادي المجاعة الجماعية.

كما أن التسهيلات -التي قدمها القطاع المصرفي لحوالات المغتربين اليمنيين بدول الخليج- جعلته الرافد الرئيسي للعملة الأجنبية مما حدّ من انهيار العملة المحلية التي تقلصت احتياطاتها النقدية، حيث تراجع الاحتياطي النقدي من 4.8 مليارات دولار بداية 2015 إلى ثمانمئة مليون فقط، وفق ما أفاد الخبير الاقتصادي إسماعيل أحمد.

وقال أحمد للجزيرة نت إن التحويلات المالية للمغتربين ساعدت في بقاء ملايين اليمنيين في الداخل على قيد الحياة، في ظل تصاعد الحرب التي شنتها السعودية والإمارات، فالتحويلات السنوية قد تصل إلى نحو ثمانية مليارات دولار.

وأضاف "القطاع المصرفي ساهم في منع تدهور الوضع الإنساني إلى مستويات دنيا، وساهم في استيراد السلع والمواد الغذائية، وفي حال توقفه سيسبب أزمة كبيرة أبرزها انهيار سعر العملة وتوقف استيراد السلع بما ينذر بمجاعة".