تحويلات المغتربين.. ساعدت في إعاشة آلاف الأسر اليمنية
لم تجد ام عمار، أي عذر لعدم قبول المساعدة المالية من شقيقتها المغتربة مع زوجها في الولايات المتحدة الأمريكية، بعد انقطاع راتب زوجها مع نهاية العام 2016، كحال موظفي الدولة في اليمن، ما جعلها بين عشية وضحاها غير قادرة على توفير احتياجات أطفالها الـ5، كما تقول.
وتضيف لـ”المشاهد”: “لم يسبق أن اضطررت لطلب المساعدة المالية من أحد، حتى من أقرب المقربين لي، نظراً لأن زوجي كان يعمل في إحدى الجهات الحكومية المرموقة في صنعاء، وكان يتقاضى إلى جانب راتبه، حوافز كثيرة. كان حالنا مستوراً معه، لكن حالنا بدأ يسوء بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء، وانقطاع الحوافز، وصرنا نعتمد بشكل كامل على الراتب الذي لم يكن يفي بكل احتياجاتنا من مأكل وملبس وإيجار منزل ونفقات دراسة أطفالي، وغيرها من الاحتياجات الضرورية”.
بعدها، قررت أم عمار مغادرة صنعاء، مع أولادها وزوجها، في أول أيام الحرب، إلى تعز، وبقوا هناك 8 أشهر، لكنهم اضطروا للعودة إلى صنعاء، بسبب الحرب والحصار الذي فرضته قوات الحوثي وصالح على تعز، كما تقول.
مصدر دخل بديل
ساعدت تحويلات المغتربين في إعاشة الكثير من الأسر خلال فترة انقطاع الرواتب، بحسب الدكتور عادل العامري، الأستاذ المشارك بقسم العلوم المالية والمصرفية بجامعة تعز، مشيراً إلى أن تلك التحويلات ساعدت على استمرار الإنفاق الاستهلاكي للقطاع العائلي في الاقتصاد، وهو من أهم مكونات الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، الذي بنموه تحدث التنمية الاقتصادية.
ويقول العامري لـ”المشاهد” إن تحويلات المغتربين مصدر هام من مصادر رفد الاقتصاد الوطني بالعملات الأجنبية المطلوبة للمساعدة في إحداث التوازن الاقتصادي، من خلال التأثير الإيجابي على توازن ميزان المدفوعات ودعم العملات الداخلة إلى البلد للاستقرار النقدي نتيجة التأثير الإيجابي، مضيفاً أن تلك التحويلات المالية لها تأثير إيجابي على استقرار وتوازن سوق الصرف الأجنبي، بالإضافة إلى توفير العملات الأجنبية المطلوبة لتمويل التجارة الخارجية، ومن ثم دعم توازن الميزان التجاري للدولة.
ويؤكد أن التحويلات المالية للمغتربين هي ناتج القيمة المضافة لنشاطهم الاقتصادي في مواطن اغترابهم، وبالتالي هي مدخراتهم وفوائض نشاطهم، لذلك فهم يحولونها إلى بلدانهم لاستثمارها بالداخل، وبالتالي الإسهام في إحداث التنمية الاقتصادية، كونها تعزز قدرة الجهاز المصرفي على منح القروض والتسهيلات المصرفية لتمويل المشروعات الاستثمارية.
سلوى عبدالله (الاسم مستعار بحسب طلبها)، الشقيقة الكبرى لأسرة مكونة من 3 بنات وأم وشقيق مغترب في السعودية منذ 7 سنوات، أنقذهم من الظروف التي عانوا منها بعد انقطاع راتبها، وراتب والدها المتوفى منذ 18 عاماً، كما تقول.
وتضيف سلوى التي كانت تعمل ممرضة في أحد مستشفيات تعز، لـ”المشاهد”: “شقيقي المغترب يتكفل بكل التزاماتنا، ويتحمل هماً أكبر من طاقته، ولم يعد قادراً على توفير نفقات زواجه، رغم احتفاله بعقد قرآنه قبل الحرب بأشهر”.
6 ملايين مغترب
لا توجد إحصاءات رسمية حديثة عن أعداد المغتربين اليمنيين في مختلف مواطن الاغتراب، وما يتم تداوله من أرقام، يعود عمرها إلى عدة سنوات، ولعل أبرز الدراسات التي تناولت أعداد المغتربين اليمنيين، هي الدراسة التي أعدها الوكيل السابق لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، شايف عزي صغير، بعنوان “تنظيم هجرة العمالة اليمنية إلى الخارج ودور المغترب في التشغيل المحلي”، والتي أظهرت أن العدد التقريبي للمغتربين اليمنيين 6 ملايين مهاجر، يتوزعون على أكثر من 55 دولة، فيما بلغت كلفة المشاريع التي نفذها المغتربون اليمنيون في اليمن، أكثر من 5 مليارات دولار، وفرت ما يزيد عن 15 ألف فرصة عمل.
وقدرت الدراسة التي نشرت في كالة الأنباء اليمنية الرسمية “سبأ”، بتاريخ 31 يناير 2010، حجم رأس المال اليمني المغترب والمستثمر في الخارج، بـ33 مليار دولار.
وسجلت السعودية المرتبة الأولى من حيث عدد المغتربين فيها، بنحو مليون و317 ألفاً، منهم 315 رجل مال وأعمال، و144 من الكفاءات العلمية، و15 جالية، فيما بلغت الجالية اليمنية بالإمارات نحو 70 ألف مغترب، منهم 70 رجل أعمال، و74 من الكفاءات العلمية، وفي قطر 11 ألف مغترب، منهم 4 رجال أعمال، و7 من ذوي الكفاءات العلمية.
وبلغت أعداد المغتربين في البحرين 10 آلاف، وفي الكويت 7 آلاف، منهم 8 رجال أعمال، و15 من الكفاءات، بحسب الدراسة ذاتها.
دعم الأسرة كلفه طلاق زوجته
ويتحمل المغترب اليمني في السعودية، أيمن إبراهيم، أعباء إضافية نتيجة انقطاع الرواتب، فإلى جانب المصاريف الشهرية التي يرسلها من بلاد الغربة إلى زوجته وطفله اللذين يسكنان مع والد زوجته في محافظة إب، صار يدفع تكاليف أخرى لأسرته التي نزحت منذ سنتين إلى صنعاء، بسبب دمار منزلهم أثناء تحرير مديرية الخوخة بمحافظة الحديدة.
ويقول لـ”المشاهد”: “كنت وعدت زوجتي أني سأدخلها معي للاستقرار في السعودية. لكن الظروف كانت أكبر مني، ولم أتمكن من الإيفاء بوعدي لها، نتيجة الأعباء المالية الإضافية، كالرسوم على المغتربين، وأسرهم، والدعم الشهري الذي أرسله لأسرتي النازحة، ما جعل زوجتي وأهلها يتشرطون عليّ فتح منزل لها بصنعاء، كما فتحت لأسرتي، أو الطلاق”. ويستطرد أيمن: “وصلت علاقتي مع زوجتي وأسرتها إلى أفق مسدود، فوافقت على الطلاق، لأني لم أتقبل ابتزازهم”.